من حرائر الاوراس
في أعماق الذاكرة الجزائرية، حيث تتشابك خيوط النضال بألوان الحرية، تبرز قصة المجاهدة عائشة مدور، التي نسجت من معاناتها وصبرها لوحة فنية تحكي عن الثبات والتضحية. أرملة الشهيد فرحات عريف، الذي قُطعت أنفاسه بحد السيف الظالم في سجن الكدية بقسنطينة، لكن روحه ظلت تُلهم عائشة لتواصل مسيرة الكفاح.

في بيتها الصغير ببلوكيل بيابوس، كانت البداية؛ حيث اجتمع الأحرار وأُشعلت شعلة الثورة. وعلى الرغم من الألم الذي خلفه صدى المقصلة، ظلت عائشة صامدة كجبل الأوراس، لا تلين ولا تستكين. اُعتقلت وعُذبت، لكنها لم تُسلم الراية، بل حملتها بكل فخر وعزة، مواصلةً النضال في خنشلة وما حولها.
بعد أن أسدل الاستقلال ستائره على مسرح الثورة، لم تتوقف عائشة عن العطاء. فقد تفرغت لتربية أبنائها بلقاس ومحمد، زرعت فيهم بذور الأخلاق والشجاعة التي امتازت بها، فنبتوا نباتًا حسنًا، وأثمرت جهودها مستقبلًا واعدًا لهما في المجتمع.
إن قصة عائشة مدور ليست مجرد سرد لأحداث، بل هي رمز للإرادة الصلبة والتفاني في سبيل الوطن. إنها تجسيد للمرأة الجزائرية الحديدية التي ضربت أروع الأمثلة في التضحية والبطولة، وتُعد مصدر إلهام للأجيال القادمة. فلتطل الحياة في عمرها، ولتُخلد قصتها في ذاكرة الزمان.



