
ليلة نوفمبر في خنشلة
ليلة الفاتح من نوفمبر: تفاصيل غير مروية عن انطلاق الثورة الجزائرية في خنشلة”
في ليلة تاريخية حفرت اسمها بأحرف من نور في ذاكرة الجزائر، انطلقت شرارة الثورة التحريرية الكبرى من قلب الأوراس الشامخ. كانت خنشلة، تلك المدينة الصامدة، مسرحًا لعمليات عسكرية دقيقة ومنسقة، مهدت الطريق لما سيصبح واحدة من أعظم ثورات القرن العشرين.
الساعة والتوقيت: لحظة الصفر
في تمام الساعة 23:30 من ليلة 31 أكتوبر 1954، بدأت الأفواج المختارة بعناية تحركها نحو أهدافها المحددة. كانت هذه اللحظة نتاج تخطيط محكم وإعداد دقيق، ليكون فجر الأول من نوفمبر موعدًا مع التاريخ.
الأفواج والأهداف: خطة محكمة التنفيذ
تم تقسيم المهام على خمسة أفواج رئيسية، كل منها كُلف بهدف استراتيجي:

- فوج دار الحاكم: بقيادة البطل عباس لغرور، ضم سبعة مجاهدين منهم بورمادة عبد القادر الذي ما زال على قيد الحياة.
- فوج دار البوليس: تحت قيادة بن عباس غزالي، تألف من سبعة أبطال.
- فوج دار الجندرمة: بقيادة كشرود علي، ضم سبعة مجاهدين بينهم غرياني علي من مدينة غريانة الليبية، في إشارة إلى البعد المغاربي للثورة.
- فوج الثكنة العسكرية: بقيادة سعدي معمر، كان الأكبر عددًا بـ14 مجاهدًا، منهم بن زيدان رمضان الذي ما زال حيًا يروي تفاصيل تلك الليلة.
- فوج تدمير المولد الكهربائي: بقيادة عثماني إبراهيم التيجاني، كان مسؤولًا عن قطع التيار الكهربائي عن المدينة.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك فوج للإسناد مكون من أربعة مجاهدين، ليضمن نجاح العملية.
كلمة السر: رمزية عميقة
“خالد + عقبة” كانت كلمة السر لتلك الليلة المصيرية، في إشارة واضحة إلى البطل الأمازيغي كسيلة (خالد) وفاتح شمال إفريقيا عقبة بن نافع، لتؤكد على عمق الهوية الجزائرية بأبعادها المختلفة.
دروس وعبر: إرث لا يُنسى
إن تفاصيل هذه العملية تكشف عن مستوى عالٍ من التنظيم والتخطيط الاستراتيجي الذي ميز الثورة الجزائرية منذ انطلاقتها. كما تبرز روح التضحية والفداء التي تحلى بها هؤلاء الأبطال، الذين وضعوا أرواحهم على كف العزة من أجل حرية وطنهم.
خاتمة: ذكرى خالدة
في كل عام، ومع حلول ذكرى أول نوفمبر، تعود بنا الذاكرة إلى تلك الليلة الاستثنائية في خنشلة. إنها ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل هي درس في الوطنية والتضحية يجب أن يُلهم الأجيال الحالية والقادمة.
نختم بالدعاء لأرواح شهدائنا الأبرار الذين صنعوا المجد بدمائهم الزكية: “اللهم ارحم موتانا الأبطال، اللهم ارحم شهداءنا الأخيار”. فبفضلهم، تنعم الجزائر اليوم بالحرية والاستقلال، وتقف شامخة بين الأمم.



