
من تاريخ الخيانة
في زوايا التاريخ المنسية، حيث تتلاشى الأصوات وتتبدد الصور، تبقى بعض اللقطات خالدة، تحمل في طياتها أكثر من مجرد ألوان وأشكال، تحمل قصصًا وأحاسيسًا وعبرًا. هذه الصورة، التي تُظهر حركيًا جزائريًا، تُعد واحدة من تلك اللقطات التي تستحق التأمل.
العلم والأسلحة: رموز السلطة والخسارة
العلم الفرنسي يرفرف، لكنه لا يبعث بالفخر، بل يُذكّر بالخسارة. الأسلحة التي كانت يومًا أداة للسيطرة، الآن ترقد بين أحضان الهزيمة. الثكنات ونقاط المراقبة التي كانت تعج بالحياة، الآن تقف شاهدة على الفراغ والصمت.
نظرة الحسرة: مرآة الروح
لكن ما يلفت الانتباه حقًا هو نظرة الحسرة التي تعلو وجه الحركي. إنها ليست نظرة ندم على أفعال ماضية، بل حسرة على مستقبل ضائع. حسرة على خسارة فرنسا للحرب، ونهاية حلم الجزائر الفرنسية. نظرة تحمل في طياتها الأسف على رحيل الأسياد، والحزن على فقدان الهوية والمكانة.
الدونية والانحطاط: صراع الهوية
تلك النظرة تحمل أيضًا معاني الدونية والانحطاط، تُظهر الصراع الداخلي لشخص اختار الوقوف في الجانب الخطأ من التاريخ. إنها تعكس الصراع بين الكرامة والمهانة، بين الشرف والخيانة.
انتصار الروح: الكرامة فوق الذل
في المقابل، يبرز انتصار الروح والكرامة لأولئك الذين اختاروا الصعاب والتحديات. الرجال والنساء الذين رفضوا العيش تحت وطأة الذل، واختاروا الجبال والكهوف والمغارات، مفضلين الجوع والبرد والخوف على العيش في مهانة. إنهم الأبطال الحقيقيون الذين صنعوا التاريخ وغيّروا مجرى الأحداث.
خاتمة: الذاكرة الحية
تبقى هذه الصورة، بكل ما تحمله من معاني ودلالات، شاهدة على فترة من أشد الفترات قسوة في التاريخ الجزائري. تُذكّرنا بأن الانتصارات ليست دائمًا لمن يحمل السلاح، بل لمن يحمل العزيمة والإرادة والكرامة. وتُعلمنا أن الذاكرة، مهما حاول البعض طمسها، تبقى حية، تنبض بالقصص والعبر، تنتظر من يتأملها ويستلهم منها.



