
وقفة تاريخية مجيدة: حين التقى حلم الستة ليصنع فجر الحرية
وقفة تاريخية مجيدة: حين التقى حلم الستة ليصنع فجر الحرية
في ليلةٍ من ليالي أكتوبر عام 1954، اجتمع ستة رجال كُتب لهم أن يغيروا مجرى التاريخ. في منزلٍ متواضع بالجزائر العاصمة، التقى ديدوش مراد، مصطفى بن بولعيد، محمد العربي بن مهيدي، بلقاسم كريم، محمد بوضياف، ورابح بيطاط، ليرسموا خارطة الحرية لوطنٍ أنهكه الاستعمار.
كان اجتماعهم نقطة تحول في تاريخ الجزائر، حيث تحول الحلم إلى واقع، والفكرة إلى ثورة. هؤلاء القادة الستة، الذين لم يتجاوز أكبرهم سناً الأربعين عاماً، حملوا على عاتقهم مسؤولية تاريخية جسيمة. قرروا في تلك الليلة المباركة أن يشعلوا شرارة الثورة التحريرية الكبرى التي انطلقت في الفاتح من نوفمبر 1954.
وها هي الجزائر اليوم، بعد سبعين عاماً، تستذكر هذا الحدث التاريخي من خلال فيلم “حلم الستة”، الذي يجسد رؤية شبابية معاصرة لتلك اللحظات المصيرية. إنه جسر يربط بين الماضي والحاضر، بين جيل الثورة وجيل البناء والتعمير.
لقد كان اختيار وزارة المجاهدين لإشراك الشباب في صناعة هذا العمل التاريخي قراراً حكيماً، يؤكد أن الذاكرة الوطنية ليست حكراً على جيل دون آخر، وأن الشباب الجزائري قادر على حمل الأمانة والحفاظ على الذاكرة الوطنية بأساليب عصرية مبتكرة.
إن “حلم الستة” ليس مجرد فيلم، بل هو رسالة متجددة تؤكد أن تضحيات الشهداء لم تذهب سدى، وأن الجزائر التي حلموا بها حرة مستقلة، أصبحت اليوم واقعاً ملموساً. من رحم معاناتهم ولد فجر الحرية، ومن عزيمتهم استمدت الأجيال اللاحقة قوة الإرادة والإصرار على المضي قدماً.
سيظل اجتماع مجموعة الستة التاريخية محفوراً في ذاكرة الوطن، يروي قصة رجال آمنوا بقضيتهم حتى النهاية، وقدموا أرواحهم فداءً للوطن. وسيبقى فيلم “حلم الستة” شاهداً على أن الأجيال الجديدة مصممة على الحفاظ على هذا الإرث التاريخي العظيم.



